اقتصاد واعمالمجتمع

“روس” “مقادم” “نخاعات”.. مطعم العجمي وسط برلين قد يغنيك عن طبخ أمك

بشير خصاونة – برلين

وسط “الزونين آليه” أو شارع العرب كما يسميه سكانه، سيرشدك إليه رائحة التوابل العربية، وأطباقه التراثية المختلفة التي تشعرك وكأنك تأكل من يدي أمك رغم غربتك عنها، كما وصفه بعض مرتاديه.

العجمي في اللغة تدل على غير العربي حتى وإن تكلم العربية بطلاقة، مجازا لعل لمطعم العجمي (وإن كان عربيا) من اسمه نصيب في العاصمة الألمانية برلين.

تمتاز برلين بتنوع ثقافي يمتد حتى إلى ثقافة الطعام، فبحكم عدم وجود مطبخ ألماني واضح، ستلقى في كل حي من أحيائها مطاعم من كل أنحاء العالم.

الشيف مهند العتر “أبو مازن” ابن مدينة داريا في ريف دمشق، والشيف غياث المصري ” أبو حدو” من حي الميدان الدمشقي الشهير بطعامه، عملوا سويا في عدة مطاعم بدمشق، وأسسوا مطعم آرام الشام في ساحة عرنوس، ثم قرر أبو مازن افتتاح مطعمه الخاص في داريا ” الصفصاف” عام ٢٠١٠، والذي لم يستمر بسبب الأوضاع في مدينته التي ثارت على النظام الحاكم عام ٢٠١١، ليخرج أبو مازن من سوريا متوجها إلى مصر، فأسس هناك لسلسلة مطاعم “الريف الدمشقي” في مدينة الإسكندرية، لينتهي به الأمر مع شريك العمل السابق أبو حدو في مطعم العجمي وسط برلين.

عام ٢٠١٤ وصل أبو مازن إلى ألمانيا بعد رحلة اللجوء عبر البحر المتوسط، وواجه فيها عدة صعوبات من لغة، مسكن وما إلى ذلك، ثم بدأت الأمور تتجه نحو الأفضل مع إيجاده عمل بوقت جزئي إلى جانب تعلم اللغة، وهدف (مطعمه الخاص) نصب عينيه، حتى يطلع على كيفية سير الأمور والعمل في ألمانيا البيروقراطية، على حد قوله.

لافتتاح مشروعك الخاص في ألمانيا كأجنبي، يجب توافر عدة شروط حسب وزارة الاقتصاد الألمانية، أهمها الحصول على حق إقامة لا يقل عن ثلاثة سنوات ويفضل الإقامة الدائمة، والقدرة على التواصل باللغة الألمانية، وشرط توافر الخبرة اللازمة في مجال العمل الذي يرغب به، إضافة للمشاركة بدورات خاصة أغلبها برعاية غرف الصناعة والتجارة، للتعرف على النظام الضريبي وجمع معلومات في الإدارة ومجالات التسويق في ألمانيا، ويشترط وجود شريك يحمل الجنسية الألمانية أو الإقامة الدائمة في حال الحاجة إلى قروض من البنك.

استطاع أبو مازن بحكم خبرته كشيف إتمام “Weiterbildung” تدريب مهني باختصاصه، ليبدأ بالبحث مع شريكه أبو حدو عن مشروعهم الخاص أو حلمهم كما وصفوه، وقدمت لهم عدة عروض، وبدأوا باستشارة محامين مختصين ومساعدين ضرائب، لمعرفة الواجبات والتبعات لهذه الخطوة، وخلال البحث تعرفوا على الدكتور محمد الابراهيم صاحب الخبرة الواسعة في ألمانيا ومالك مطعم العجمي، الذي قدم لهم المساعدة.

 عن الفكرة والإقبال عليها، يقول أبو مازن لأخبار العرب في أوروبا: “كانت الفكرة في البداية مطبخ سوري يتميز بأطباق تراثية على وشك أن تندثر من المنازل بسبب مشاغل الحياة وصعوبة تحضيرها لضيق الوقت، مثل الرؤوس، المقادم، النخاعات والكبة بأنواعها، فالمطبخ السوري متنوع، وهذا ما أضافه مطعم العجمي إلى الشارع الألماني، فهناك إقبال من العائلات السورية وغير السورية ومن الألمان أيضا، ولكن بسبب ضيق المكان فإن غالبية الزوار من فئة الشباب المتواجدين في الغربة دون عوائلهم، وليس لديهم وقت لإعداد الطعام في المنزل، بسبب عمل أو دراسة…”

وهذا ما أكده محمد وهو شاب سوري يعيش في برلين فيقول: “أنا عادة أطبخ ولدي خبرة جيدة نوعا ما في صنع أطباق سريعة، ولكن لا أستطيع مثلا طبخ المحاشي أو ورق العنب وما إلى ذلك من أطباق تحتاج إلى جهد وتحضير صعب، أذهب إلى العجمي فالأسعار مناسبة لأصحاب الدخل المحدود أو الذين يتلقون المساعدة الاجتماعية هنا في ألمانيا”.

وعن مشروعهم المستقبلي أوضح أبو مازن أنهم يسعون إلى توسيع العمل في ألمانيا، وإيجاد مكان مناسب يستطيعون فيه استقبال أعداد أكبر، واستقطاب الألمان.

استطاع أبو مازن وأبو حدو الوصول لقلوب الألمان عبر حبهم وإتقانهم لمهنتهم، ليخلقوا لغة اندماج وتفاعل جديدة هي لغة المطبخ السوري بنكهاته ورائحة توابله المميزة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى